المبتعثون اليمنيون في أنحاء العالم … بين الانقطاع الحكومي والدعم الخاص (الجزء الثاني)

الطلاب بين خطر الفصل من الجامعات وقيام الاحتجاجات في مقر السفارات

أمام الفساد المتعاقب عبر الحكومات … حيث هناك من يعاني المر في انقطاع مصروفه ببلاد الغربة، وهناك صنف يعاني الأمرين، إذ أنه دفع بين 2000 و 3000 دولار لمسؤولين في وزارة التعليم العالي لأجل الحصول على منحة راقية، ثم تفاجأ بعد ابتعاثه بزيف الأحلام التي روّجها له المسؤولون بوزارة التعليم العالي، وهذا ما أشار إليه تحقيق صحيفة “يمن برس” في سبتمبر 2014م، وقد كشف التحقيق هنا التوزيع العشوائي للمنح والمتاجرة بها وعدم توزيعها وفق آلية قانونية، كما كشف التمديد لطلاب متعثرين لمدة تزيد عن خمسة أعوام، وابتعاث 160 طالب وطالبة بنسبهم المتدنية تحت 90%؛ منهم 18 بين 79% و60% وفق وثيقة صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة خلال العام 2013م، ولم تؤدي جهود مجلس النواب اليمني في التصدي لتلك الظاهرة رغم استجوابه لقيادة الوزارة.

ووصلت النفقة السنوية على الابتعاث في 2013م إلى 100 مليون دولار، ثم انخفضت لتصل إلى 52 مليون دولار بعام 2017م كما أظهر ذلك تحقيق قامت به صحيفة المشاهد اليمنية تحت عنوان “طلاب منسيون”.

ومع هذه المعاناة، فقد اضطر بعض المبتعثين للعمل ببلدان الغربة لتوفير لقمة العيش، ومنهم من وصل به الحال كأحد الطلاب المبتعثين في ماليزيا الذي حاول حرق نفسه بالنار بالتزامن مع إنذار إحدى الجامعات الماليزية بطرد 50 طالب يمنياً في حال أن لم يسددوا رسوم الدراسة قبل 24/8/2017، حيث كان هذا الحدث ضمن الأسباب التي دعت الطلاب للاحتجاج بمبنى السفارة اليمنية بماليزيا.

احتجاجات طلابية داخل مقر السفارة اليمنية بماليزيا
احتجاجات طلابية داخل مقرالملحقية الثقافية اليمنية بمصر

وبالعودة لتاريخ الاحتجاجات فإن أول احتجاج قام به الطلاب كان بسفارة بلادهم بالجزائر في نهاية 2012، لتشهد بعدها السفارات اليمنية موجة احتجاجات مستمرة حتى الآن، ويذكر أنه بإحدى الاحتجاجات بسفارة اليمن بالجزائر تم استدعاء الأمن الجزائري لفض الطلاب المعتصمين بمقر السفارة.

المبتعثون اليمنيون في ظل الدعم الخاص ... انتظام وراحة وتميز

على العكس من الصورة المنقولة عن الوضع الطلابي تحت الانقطاع الحكومي، فهناك جزء آخر من الطلاب ينعمون بالراحة والتميز والانتظام في دراستهم، هؤلاء هم طلاب المنح المدعومة من المنظمات الأهلية والحكومات الأجنبية.

أما عن المنظمات الأهلية، فأشهرها: مؤسسة العون للتنمية، ومؤسسة حضرموت للتنمية البشرية، ومؤسسة الصندوق الخيري لدعم المتفوقين، وكل هذه المؤسسات الثلاثة شيدها رجال أعمال سعوديين ذو أصل حضرمي، حيث جعلوا من حضرموت (شرق اليمن) منطلق لأنشطتهم في ابتعاث الطلاب الى الخارج.

والسقف المشترك لهذه المؤسسات الثلاثة هو التعاون المشترك، وأنها تقوم على آلية تنظيمية تبدأ منذ لحظة تقدم الطالب للحصول على منحة دراسية، انتهاءً بتخرجه من الجامعة، تلك الآلية تقوم على مبدأ التحفيز والإنذار، ولا تهاون في تطبيق النظام، مع أن عدد الجامعات والدول التي تدعمها قليل، حيث تدعم المنح في كل من (السعودية – الأردن – تركيا – الفلبين – مصر –كندا – أمريكا – فرنسا – ماليزيا- الهند) و 20 دولة أخرى بشكل منقطع.

 ويصل عدد الطلاب المبتعثين عبر الصندوق الخيري بين عامي 2008  – 2015  (قبل الحرب) في كل من السعودية وماليزيا والأردن إلى 1287 طالب، موزعين على أكثر من 20 جامعة، بينما نجد 1022 موزعين على 21 دولة أخرى منذ نشوء المؤسسة بعام 1990 إلى 2015.

وقد توقف الابتعاث إلى الخارج عبر هذه المنظمات الثلاثة بشكل كبير مع بداية الحرب الدائرة في اليمن 2015، وذلك إلى عدة دول كالسعودية وأمريكا، وبقيت دول أخرى مستمرة في استقبال المبتعثين كفرنسا وماليزيا والاردن وتركيا والفلبين.

 

الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان

 رئيس مجلس المؤسسين

الأعضاء:

الشيخ عبدالله سالم باحمدان 

الشيخ عبدالإله سالم بن محفوظ 

الشيخ محمد حسين العمودي

الشيخ حسن محمد بن لادن

الشيخ سالم أحمد باسمح

الشيخ عمر صالح بابكر

الشيخ عبدالقادر سعيد العمودي 

الشيخ سالم بن أحمد بالحمر

تقوم هذه المنح على المفاضلة بين الطلاب عبر اختبارات معينة لترشيح الافضل، ثم المقابلات الشخصية لمن اجتاز المرحلة الأولى، وكذلك التعرف على مستوى اللغة الإنجليزية للطلاب، ثم يقع الاختيار، وهذا لا يوجد في منح الحكومة اليمنية التي تكتفي فقط بالمفاضلة عبر شهادات الثانوية.

كما يوجد مكاتب إقليمية للمؤسسات، فمؤسسة الصندوق الخيري تمتلك مكاتب لها بالمملكة العربية السعودية، ومؤسسة العون للتنمية تمتلك مكتب إقليمي لها بماليزيا.

وقد وجدت هذه المؤسسات الثلاثة ثمار هذه التنظيم والالتزام من قبل طلابها في بروز براءات اختراع ودروع المسابقات وأبحاث محكمة يشار إليها بالبنان.

ومع هذا تظهر احصائيات مؤسسة الصندوق الخيري (2015م – 2016م) أن هناك قلة من المنسحبين من المنح الدراسية المقدمة لهم سواء بالتحويل من الجامعة التي تم الابتعاث إليها، أو الانقطاع النهائي من التعليم وعددهم 38 طالب وطالبة من أصل 1307 طالب وطالبة، ويصل عدد المتميزين بالمراكز الاولى الى 436 طالب وطالبة.

وهذا مما لا يدع للشك مجال بأن المؤسسات الأهلية تحافظ على سمعتها الأكاديمية بعدم وجود طالب متعثرين في صفوفها.

وأما عن دعم الحكومات الأجنبية التي تقدم المنح على كفالتها، فيصلُ متوسط الابتعاث في الدولة الواحدة إلى مائة طالباً يمنياً في السنة لمرحلة البكالوريوس، ومن أبرز الداعمين (السعودية – تركيا – ماليزيا – روسيا – سلوفاكيا – التشيك – ألمانيا – فرنسا – الصين – بريطانيا – إندونيسيا – بروناي – كوريا الجنوبية – هولندا – المجر – بلغاريا – قطر)

حيث تقدم هذه الحكومات منح للطلاب اليمنيين عبر سفاراتها مباشرة، ويقوم الاختيار على المعايير ذاتها التي تم ذكرها بالمؤسسات الأهلية.

ومن المنح الأهلية المقدمة لليمن، منح شركة توتال النفطية، حيث تقدم منح سنوية إلى ما قبل 2015، بمعدل 20 منحة سنوياً بالمناصفة بين درجة البكالوريوس والدراسات العليا، ولكن تمنح بعضها لذوي النفوذ والسلطة على الأراضي النفطية التي تعمل فيها الشركة كما أفاد بذلك أكثر من مصدر موثوق.

والنوع الأخير من الدعم، وهو دعم وزارة الخارجية الأمريكية للمنح الدراسية عبر منظمة “آمديست” الدولية للتعليم والتدريب منذ عام 1952 حيث بلغ عدد المبتعثين إلى أربعة الأف مبتعث بالولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها تقدم منح أخرى للجامعات الأمريكية ببيروت والقاهرة.

وتعتمد ذات المعايير المذكورة سلفاً، وبالأخص اللغة الإنجليزية حيث تتطلب المنحة الحصول على شهادة التوفل.

وهناك منح تقدم لليمنيين عبر منظمات خارجية لا يوجد لها مكاتب باليمن، ولكن يستطيع الطلاب التقديم عليها الكترونياً، وهذا له مجال آخر للحديث عنه.

وأن كانت بعض الدول قد أقفلت المنح بسبب الحرب الدائرة في اليمن، إلا أن البعض الاخر لا يزال مستمر في تقديمه، وذلك لتوفر خطوط سفر جوية وبرية من اليمن عبر (سلطنة عمان – السودان – جيبوتي – مصر – الأردن) إلى دول المنح.

ومن الملفت للأنتباه، أن كل تلك المؤسسات والحكومات تعتمد في تقاريرها السنوية على قصص الطلاب المبتعثين؛ لكي تظهر سمعتها الأكاديمية للمجتمعات والدول، على عكس وزارة التعليم العالي التي لم تستثمر وجود أكثر من 9000 طالب وطالبة في الخارج لتنقل قصص نجاحهم وتقوي سمعتها الحكومية، بل على العكس كسبت سمعة سيئة تزداد بتقدم الشهور.

كاتب

Exit mobile version