د. شذى بكير في حوارها مع أكابرس:

الأزمة السياسية والاقتصادية منذ 2011م سبب تدهور مستوى اليمن في إتقان اللغة الإنجليزية

معظم المؤسسات التعليمية العالمية تعترف بالتوفل والايلتس على حد سواء

من خبرتي الطويلة أجد أن البنات هن أكثر مثابرة وإصرار من الشباب في إتقان الإنجليزية

المواقع الإلكترونية داعمة للتعليم الأساسي في معاهد اللغة أو في المؤسسات التعليمية للغة الإنجليزية وليست بديلاً عنها.

أجرى الحوار الصحفي: حسن محمد البيتي

أظهر تقرير مؤسسة Education First في عام 2015 أن اليمن احتلت المرتبة 51 عالمياً من أصل 70 دولة، والمرتبة الثانية عربياً من بين 12 دولة في مدى إتقان اللغة الإنجليزية، ومع بداية الصراع الدائر في اليمن بنفس العام، انهارت منظومة التعليم بشكل عام، حيث وبعد ثلاثة سنوات اختفت اليمن اختفت من تقارير المؤسسة نهائياً وحل محلها سوريا.
ويتم تعليم اللغة الانجليزية في اليمن من ثلاثة جهات وهي: المؤسسات التعليمية الحكومية، والمعاهد اللغوية الخاصة، والإنترنت، وتظل المعاهد اللغوية الخاصة هي الأقوى من بين كل هؤلاء نظراً للدعم الموفر لها من قبل القائمين عليها.
إذ أن المؤسسات التعليمية الحكومية وخصوصاً ما قبل الجامعة تعاني من سوء تدريس للغة الانجليزية من شريحة واسعة من المعلمين والمعلمات الذين لم يجيدوا هذه اللغة بطلاقة، كما أشارت لذلك ضيفة الحوار الصحفي.
ولعل السبب الذي يكمن وراء ضعف تعليم اللغة الانجليزية في المؤسسات التعليمية الحكومية هو ضعف الدعم المالي الحكومي لها كما صرح بذلك إريك لوري، مدير اللغة الإنجليزية لدى المجلس الثقافي البريطاني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

تقرير مؤسسة Education First في عام 2018

يعد اليمن من الدول التي تتبع النظام البريطاني في تعلم اللغة الانجليزية، حيث يرجع ذلك لأكثر من قرن ونصف القرن، حين خضع جنوب اليمن للاحتلال البريطاني منذ 1839م.
ومع الصراع الدائر عالمياً، والذي وصل برقعته إلى الناحية اللغوية، فقد وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أجنحتها على الشرق الأوسط لأجل نشر اللغة الانجليزية وفق نظامها، فتأسس في اليمن كواحدة من الدول شرق أوسطية ما عرف بـــــ “آمديست” وهو معهد ممول من وزارة الخارجية الأمريكية عبر سفاراتها في العالم، إذ كانت بدايته في اليمن سنة 1952م حيث بدأ ابتعاث طلاب يمنيين للدراسة بالولايات المتحدة الأمريكية، ثم تتطور الأمر لفتح مكاتب رسمية بصنعاء 1981م وعدن 1998م وامتد نشاطهم عبر هذين المركزين في أبرز المدن اليمنية في الشمال ناحية تعز، وفي الجنوب ناحية المكلا.
ومع وجود المجلس الثقافي البريطاني المدعوم من سفارات بريطانيا حول العالم، لم تنهض اليمن بالمستوى المطلوب في اللغة الانجليزية، فضلاً عن عدد المتحدثين الجيدين بهذه اللغة، والتي أظهرت التقارير بأن غالبيتهم من الإناث.

حول هذا وأكثر، أجرت أكابرس مراسلة عبر تطبيق الماسنجر للفيس بوك بالدكتورة شذى بكير – محاضرة جامعية بجامعة حضرموت، وهي مقيمة حالياً في عاصمة ماليزيا (كوالالمبور) للتفرغ لرسالة الدكتوراه، وضيفتنا معروفة لدى فريق أكابرس أثناء تواجدها بمعهد الآمديست بمدينة المكلا في شرق اليمن بين 2011م و2013م قبل أن تغادر البلاد متوجهة إلى ماليزيا إثر حصولها على منحة دراسية لإكمال الدراسات العليا هناك.
د. شذى بكير أديبة باللغتين العربية والانجليزية، نالت البكالوريوس بتخصص اللغة الانجليزية في جامعة حضرموت سنة 2003م ، لتواصل الماجستير بالولايات المتحدة الأمريكية عبر منحة “فولبرايت” المدعومة من الخارجية الأمريكية، حيث حازت درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي في جامعة ولاية الآبالاش في عام 2011م.
عادت إلى اليمن كمدرِّسة بمعهد آمديست حيث أن الصحفي الذي أجرى معها الحوار كان طالباً بذلك المعهد بين 2012م و 2013م، ثم غادرت البلاد لتلتحق بجامعة ماليزيا الوطنية (UKM) سنة 2013م لكي تنال درجة الدكتوراه في اللغة الانجليزية بحلول 2019م

للتعرف على د. شذى بكير، زوروا صفحتها على الموقع الرسمي لجامعة حضرموت، اضغط على الصورة

في المراسلة التي أجريناها معها …. رحبت د. بكير بإجراء هذه الحوار الذي يصب في عمق الاهتمام بتعليم اللغة الإنجليزية في اليمن، حيث استهلت حديثها معنا حول أهمية اللغة الإنجليزية للطلاب الجامعيين في اليمن، خصوصاً المبتعثين، فأوضحت  د. بكير بأن للغة الإنجليزية أهمية عظيمة في تطوير الذات، وفي الاطلاع على أحدث الأبحاث العلمية في المجالات المختلفة وفي المواقع الإلكترونية، وتعد أيضاً اللغة الدارجة في التقديم لمعظم الجامعات العالمية حيث التدريس يعتمد على اللغة الإنجليزية بشكل أساسي. مؤكدة في الوقت ذاته أن اللغة الإنجليزية دخلت في معظم المجالات نتيجة للانفتاح الحضاري والثقافي بين جميع البلدان. ونتيجة للثورة الإلكترونية فقد أصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في التعاملات التجارية وفي المجالات العلمية، ومشددة في الوقت ذاته على أهمية إجادة الطالب للغة الإنجليزية لتساعده في تطوير الذات وخلق فرص مستقبلية أفضل في سوق العمل.

مقر معهد آمديست في صنعاء
مدينة المكلا

ثم تطرقنا بعد ذلك إلى جانب من حياة د. شذى بكير وتفوقها الأكاديمي واللغوي في تعلم اللغة الإنجليزية، ومدى ارتباط ذلك التفوق بسفرها بين البلدان الاجنبية، فأجابت قائلة:

اعتمدت في بداياتي على التعليم الذاتي للغة الإنجليزية ولم أدخل إلى أي من المعاهد اللغوية التي تساعد على اكتساب اللغة الإنجليزية، ولكن كانت لدي الكتب و الأسطوانات المضغوطة التي كنت أقوم بالاستماع إليها وترديد ما عليها لساعات طويلة، أو مشاهدة الأفلام والأخبار والبرامج باللغة الإنجليزية بشكل مكثف حتى تحسنت لغتي الإنجليزية، وبدأت اكتسب الكثير من المفردات. وأصبح عندي سرعة في التحدث، وهذا طبعاً قبل أن أسافر إلى أمريكا أو أي دولة أخرى، ولكن بالتأكيد بعد السفر تحسنت لغتي الإنجليزية بشكل أكبر نتيجة لأنني كنت أتحدث باستمرار مع المتحدثين الأصليين باللغة الانجليزية في أمريكا.

وبما أن د. بكير من الفريق المحسوب على النظام الأمريكي في تعليم اللغة الإنجليزية، ولكي نستوضح منها الفرق بين النظامين الأمريكي والبريطاني في تعليم اللغة الإنجليزية، توجهنا لها بالسؤال التالي:

أكابرس: عند بدء تعلم اللغة الإنجليزية، غالباً يتبادر إلى الطلاب سؤال وجيه، هل أعد لشهادة التوفل أم الايلتس؟ ولماذا؟

د. بكير:  تتساوى إلى حد كبير مواصفات امتحان شهادة التوفل مع الايلتس، ولكن قد يكون الاختلاف هو بالنسبة للجامعات والمؤسسات التعليمية التي تدعم أحد هذه الاختبارات عن الآخر؛ فمثلاً النظام الأمريكي للتعليم والجامعات الأمريكية تدعم بشكل كبير الحصول على شهادة التوفل حيث يلتزم أكثرها بالقواعد اللغوية والنحوية الأمريكية، بينما الجامعات البريطانية أو المؤسسات التعليمية التي تستخدم النظام البريطاني مثل ما هو موجود في المملكة المتحدة واستراليا والهند والكثير من الدول التي تعتمد أساساً في مؤسساتها التعليمية على النظام البريطاني فإنها تفضل نظام الايلتس، فهو يعتمد كلياً على القواعد النحوية البريطانية، ولكن في الصميم كلا الامتحانين لهما تقريباً نفس الخصائص ويقيسان نفس المهارات اللغوية، وحالياً أخذت معظم المؤسسات التعليمية بتقبل كلا الامتحانين على حد سواء، فالاختيار يكون للطالب حينها.

أكابرس:  ما الفرق عندما يتلقى الطالب تعليمه للغة الإنجليزية عبر الانترنت، أو عبر المعاهد، وهل ترين أن المعاهد الالكترونية لتعليم اللغة باتت أفضل من المعاهد التقليدية؟

د. بكير: في الحقيقة حالياً ومع الثورة الإلكترونية ودخول الأنترنت لكافة المجالات فقد تم تصميم الكثير من المواقع التي تساعد الطلبة على التمرن على الكثير من المهارات اللغوية من الكتابة والاستماع، وحتى النطق.
ولكن من وجهة نظري فإن المعاهد اللغوية تعتبر أكثر فائدة بالنسبة للطلاب، بحيث أنها تراعي الفروق الفردية للطلاب، و فيها يحصل الطالب على الكثير من التمارين مع زملاءه ومع مدرسيه، بحيث يستطيع أن يتفاعل معهم و يسألهم عن أية جوانب يشعر بعدم الفهم فيها، في حين أن المواقع الإلكترونية، حتى إذا كانت تمتلك مستويات متعددة لكنها لا تنظر للفروق الفردية بعين الاعتبار، ولذلك يمكن أن تكون المواقع الإلكترونية داعمة للتعليم الأساسي في معاهد اللغة أو في المؤسسات التعليمية للغة الإنجليزية وليست بديلاً عنها.

الفرق بين امتحان التوفل وامتحان الايلتس

أكابرس:  لماذا بعض طلاب اليمن يتخرجون من الثانوية بلغة إنجليزية منعوجة نوعاً ما، وكيف تتعاملون مع مثل هذه الحالات عندما يتلقون تعليمهم لديكم؟

د. بكير: للأسف في بعض الأحيان يكون المدرسين في المرحلة الثانوية ليسوا مؤهلين بشكل جيد لتدريس اللغة الإنجليزية، وقد يكون عندهم أساساً أخطاء في النطق مما يظهر أثرها على الطلبة الذين يدرسونهم، أيضاً الاعتماد الكلي على المنهج الدراسي الذي يفتقر للكثير من المواد التعليمية المستخدمة في الحياة اليومية مما يخلق طالب لا يستطيع التحدث باللغة الإنجليزية في المواقف الاجتماعية المختلفة، وأيضاً غياب التمارين المختلفة للمحادثة في اللغة الإنجليزية حيث أنها لغة تحتاج إلى التمرين المستمر.
ولكن طلاب الثانوية لديهم حصة معينة في الأسبوع تستخدم لإنهاء المنهج، ويفتقرون إلى الوقت المتاح للتمرين والتحدث حتى يتمتعوا بطلاقة في الحديث. هذه كلها مشاكل تسببت بأن الطلبة يصلون إلى المرحلة الجامعية ولغتهم الإنجليزية تعاني من الخلل في النطق وفي كيفية استخدام الألفاظ المناسبة، وأيضاً في طلاقة الكلام.
بالنسبة للمرحلة الجامعية فإننا نحاول بقدر الإمكان أن نصحح بعض الأخطاء اللغوية للطلبة، ونوفر لهم بيئة أوسع للتمرين والمحادثة، ولكن الآن العبء الأكبر يقع على كاهل الطالب حيث أن الدراسة الجامعية هي أساساً مرحلة التعليم الذاتي، ولذا فان الأساتذة في المرحلة الجامعية يوفرون السبل للطالب لكي يتعلم، ولكن العبء الأكبر يكون على الطالب نفسه في تصحيح هذه الأخطاء.

ثم توجهنا بحديثنا قليلاً لنسألها عن الجهود التي بذلها معهد آمديست في اليمن، فعندما زرنا موقعهم الرسمي، وجدنا أن لهم جهود حثيثة في ابتعاث  4000 شخصاً للحصول على التدريب أو الدرجات الأكاديمية من مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة لتعليم اللغة الإنجليزية باليمن عبر مراكزها المعتمدة، وإجراء امتحان التوفل المعتمد عالمياً، وصولاً لتنمية قطاعات المجتمع المدني.

وهنا ركزنا في السؤال عن مدى الجهود التي بذلها معهد آمديست لتعزيز اللغة الإنجليزية بين صفوف الدراسين لها في اليمن.

د. بكير: من خلال خبرتي بالعمل في آمديست فان هناك طرق تدريس حديثة تستخدم لتدريس اللغة الإنجليزية لا تتواجد في المعاهد الأخرى. بالإضافة إلى استخدام أحدث المناهج التعليمية، وكذلك الجدية والدقة في التعليم، ومراعاة مستويات الطلاب والعمل على تحديدها حتى يتم تدريس الطالب حسب المستوى اللغوي الذي يتميز به. وأيضاً نستخدم طرق التدريس الحديثة؛ منها: الطرق المرتكزة على الطالب نفسه، وتقويم المهارات اللغوية بين تحدث واستماع بشكل كبير مما يظهر أثره في فترة قصيرة على الطالب في طريقة نطقها وإلمامه بمفرداتها.

لكن مع الترنم بتلك الجهود التي أشارت إليها د. بكير، إلا أن تقرير مؤسسة Education First أظهر إحصائيات مختلفة كما جاء ذلك بمقدمة الحوار الصحفي، وذلك بين 2015  و2018، فكان سؤالنا لها بالحرف الواحد: إلى أين ذهبت تلك الطلاقة؟

د. بكير: لا يخفى على أحد أن اليمن كانت تعاني من أزمة سياسية أدت إلى أزمة اقتصادية طاحنة منذ 2011م، فليس من الغريب أن يظهر أثر هذه الأزمة على التعليم بشكل عام، وعلى تعليم اللغة الإنجليزية بشكل خاص، فإن الأزمة الاقتصادية أثرت كثيراً في مستويات الفرد الإنفاقية، بحيث لم يستطع أولياء الأمور توفير دراسة اللغة الإنجليزية لابنائهم في المعاهد المتخصصة.
وأيضاً بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي أدت إلى تزعزع أمني أدى إلى سفر الكثير من الأجانب الذين كانوا يدرسون في هذه المعاهد، وهذه جملة من الأسباب أدت إلى تدهور تعليم اللغة الإنجليزية في اليمن.

وبالعودة لتقرير مؤسسة Education First بعام 2015  فإنه وبحسب استطلاعها تمتلك النساء مهارات الإتقان للغة بشكل أفضل من الرجال، فأردنا أن نعرف وضع الجنسين في تلقي هذه اللغة، فكان السؤال التالي:

أكابرس: بكل صراحة ودون تحيز، وبما أنك درستِ بمعاهد وجامعات، من الأفضل في إتقان اللغة الإنجليزية، الأولاد أم البنات؟ وكيف وجدتِ تدريس كلا الجنسين؟

د. بكير: ليس هناك فرق كبير في إيجاد البنات أو الأولاد للغة الإنجليزية إذا كانوا جادين في تعلمهم، وكانوا يدركون الجهد المطلوب للقيام بكل التمارين الصوتية ومراجعة القواعد النحوية، ولكن من خبرتي الطويلة أجد أن البنات هم أكثر مثابرة وإصرار، وأشعر أنهم ينفقون الوقت الطويل بين المراجع والكتب للمراجعة لمحاولة الحصول على أعلى الدرجات.، بينما الشباب أيضاً مهتمين ولكنهم يشعرون بالملل بشكل أسرع من البنات، ولكن ومع ذلك فإن الكثير من الطلاب الذكور الذين درستٌّهم يمتلكون القدرة على إجادة اللغة الإنجليزية بشكل ممتاز و هي ميزة واضحة يتميزون بها.

أكابرس: هناك ما يعاني من نسيان مفردات كثيرة باللغة الإنجليزية، ومنهم من يعاني في صعوبة فهم اللكنة الإنجليزية البحتة من ناحية سرعة التحدث بها، كيف تنصحين هؤلاء لتحسين مستواهم؟

د. بكير: أنصحهم بالإكثار من التمارين السمعية و الصوتية، والاستماع إلى الكثير من الأغاني ومشاهدة الأفلام والبرامج والأخبار باللغة الإنجليزية حتى يتم التعود على سماع وفهم اللغة الإنجليزية وأيضاً يتم اكتساب مفردات جديدة.

وفي ختام الحوار الصحفي، وجهت د. بكير نصائح وتوجيهات للطلاب والطالبات لمن هم في داخل وخارج اليمن لمن يريدون إكمال دراستهم الجامعية باللغة الانجليزية، حيث أكدت مرة أخرى بأن اللغة الإنجليزية لغة العصر، لغة الكتابة، لغة الكمبيوتر، لغة الأنترنت. يجب أن يتم إتقانها بشكل كبير حتى يصبح في المستقبل من السهل متابعة الدراسة الجامعية والدراسات العليا، والاطلاع على كل الأبحاث والاختراعات الجديدة في العالم. و أن تعلم اللغة الانجليزية يسهل تعاملات الفرد في السفر و يكسبه التحدث بسهولة مع كل الأشخاص حتى لو كانت اللغة الأصلية للبلد ليست لغة إنجليزية، مشيرة في الوقت ذاته بأننا نستطيع أن نجد في معظم البلدان الآن من يفهمنا ويساعدنا عند تحدثنا إليهم باللغة الإنجليزية.

كاتب

Exit mobile version